من هو عبد الكريم الخطابي؟
سؤال يراود الكثيرين, خاصة لما يسمعو عنه وعن شخصيته وعن ما دون التاريخ عنه.
فمن هو عبد الكريم الخطابي و كيف كانت حياته و ماذا بعد وفاته و أين درس وما دوره في معركة أنوال وعلاقته بتمسمان temsaman temsamane .
لماذا سمي لقب بأسد الريف وهل تستحق أن تأخّذ عدة شوارع في المغرب وخارجه إسم عبد الكريم الخطابي. وكذالك عدة مدارس من أبتدائيات وإعداديات وثانويات.
عبد الكريم الخطابي قاض شرعي، ومدرس، وصحفي، ومجاهد، وأمير، ورئيس دولة.
نعم، هذه الصفات اجتمعت كلها في شخصية فريدة هي شخصية الأمير الكبير عبد الكريم الخطابي يرحمه الله تعالى. ولئن سألت الناس عنه في زماننا هذا لما عرفه إلا القليل، وهذه مصيبة كبرى من مصائبنا؛ إذ كم للإسلام من أبطال عميت سيرتهم على أكثر أهل زماننا هذا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
مقتطفات.
ولد في بلدة “أجدير” في الريف المغربي بين “مليلية” و”تطوان” أو بالظبط قرب مدينة الحسيمة وليس بعيد عن قبيلة تمسمان temasaman أو temsamane. سنة 1301 هـ/1883م. ودرس القرآن والعربية، وذهب لإكمال دراسته، إلى “مليلية” وجامعة القرويين ب”فاس”، وعاد منها ليُعيَّن نائباً للقاضي في “مليلية”، ثم قاضياً، ثم صار أقضى القضاة(قاضي القضاة) وعمره آنذاك لم يتجاوز الثالثة والثلاثين. هذا دليل على نبوغ مبكر، وكتب في الصحف، ودرس في بعض المدارس، وكان أبوه أميراً على أمازيغ الذين يعيشون في الريف المغربي، وجاهد مع أبيه في الحرب العالمية الأولى مع الدولة العثمانية، وذلك سنة 1334هـ/1915م.
اعتقاله.
واعتقله الإسبان الذين كانت بأيديهم “سبتة” و”مليلية” وهي إلى الآن بأيديهم، (وهذه من المصائب التي لا يعرفها أكثر المسلمين)، لمدة 4 أشهر ليضغطوا على أبيه حتى يكف عن الجهاد، وذلك أن الإسبان كانوا يريدون أن يتوسعوا، ويخرجوا من “سبتة” و”مليلية” ليحتلوا باقي مناطق المغرب الأقصى الشمالية؛ لكنهم لما حققوا مع الابن فاجأهم بألوان من العزة والثبات، وأخبرهم أنه لا مناص له، ولا لأبيه إلا أن يقاتلوا مع الدولة العثمانية، فاضطروا لسجنه؛ لكنه تدلى بحبل من السجن ليفر؛ إلا أن الحبل كان قصيراً فتأرجح في الهواء فرمى بنفسه، فانكسرت ساقه، وأغمي عليه من الألم، فعثر عليه الإسبان فأعادوه إلى السجن، حيث مكث أربعة أشهر، ثم أطلقوا سراحه.
بداية المعارك.
قتل والده في معركة مع الإسبان سنة 1920م وقيل مات مسموماً، والله أعلم، وابتدأ الأمير محمد سلسلة المعارك مع الإسبان وكان معه أخوه الذي نُفي معه فيما بعد، وعمه عبد السلام، حيث ابتدأهم بمناوشات أسفرت عن انتصاره وطرد الإسبان من حاميتين مهمتي.
كانت إحداهما ذات موقع استراتيجي فريد، فغضب الإسبان وأرسلوا له جيشاً من ستين ألف جندي وطائرات وعتاد ضخم؛ لكنهم حذروا القائد العام للحملة من قوة الخطابي وبأسه، فاستهزأ قائلاً: أنا ذاهب لأمسح حذائي في الريف، وإسبانيا آنذاك ثالث قوة أوروبية، وهي وسائر حليفاتها الأوروبيات قد انتصرت في الحرب العالمية الأولى، مما جعل زهوها وغرورها يتضاعف.
نصر مؤزر.
ولما اقتربت الحملة من بلدة “أنوال” بالريف قرب تمسمان temsaman كمن لها الخطابي في قوة من ثلاثة آلاف فمزق جيش الإسبان تمزيقاً مدهشاً، حيث قتل منهم ما يزيد على ثمانية عشر ألفاً، وأسر الباقي حتى لم يسلم من الجيش سوى ستمائة فقط، وغنم عشرين ألف بندقية، وأربعمائة رشاش، ومليون طلقة، وطائرتين، وتفرق القتلى على مساحة خمسة أميال.
نصر الله عبده “الخطابي” نصراً عجيباً في وقت غريب، في زمن لا يتوقع فيه أحد أن ينتصر المسلمون على جيش أوروبي مسلح بسلاح حديث، لكن الحماسة الإيمانية الدافقة التي كانت في قلب الخطابي وجيشه، ونَصْر الله تعالى له أولاً وآخراً قَلََب كل المعادلات، وأخرس كل الألسنة، وكان وقع الهزيمة في أوروبا مدوياً، واستغل الخطابي الفرصة، فطهّر الريف المغربي من الإسبان وحصرهم في “سبتة” و”مليلية” فقط وهذا باقٍ إلى يوم الناس هذا.
إمارة إسلامية.
وأقام إمارة إسلامية مساحتها 20.000 كم2، وسكانها قرابة نصف المليون وطبق فيها أحكام الإسلام، ووطد دعائم الأمن، وأنشأ المدارس والمستشفيات، وأرسل البعثات إلى أوروبا، وقلل جداً من حوادث الثأر بين القبائل حتى أن الرجل كان يلقى قاتل أبيه وأخيه في المعارك مع إسبانيا فلا يمسه بسوء, وذلك لأن الخطابي عمل مجلس شورى لإدارة الإمارة من ثمانين من رجال القبائل وأوكل إليه إدارة الأموال الجزيلة التي حصل عليها من فداء أسرى الإسبان، ومن الزكاة الشرعية التي يجمعها من رعيته. كان يحاول إفهام رؤساء القبائل مؤامرات إسبانيا وفرنسا، وأنهما سبب كبير من أسباب تجهيل المغاربة، وهذا حديث يسمعه أولئك للمرة الأولى، فإنهم كانوا مشغولين بالثارات والقتال من أجل سفاسف الأمور ودناياها، فتركوا الثأر بهذه الطريقة.
نظام تجنيد فريد وعمل نظام تجنيد فريد، حيث أوجب على كل الذكور من سن 16 إلى 55 أن يتجندوا كل شهر خمسة عشر يوماً ويعودوا إلى وظائفهم وأهليهم خمسة عشر يوماً، وهكذا دواليك كل شهر، فضمن وجود الجند، وضمن أيضاً حسن سير الإمارة واطمئنان الناس على أهليهم وأولادهم.
هذا كله عمله الخطابي.
في وقت كان المسلمون فيه في غاية من الضعف والهوان ليس بعده هوان، استطاع الخطابي وهو قاض شرعي أن يفاجئ الإسبان بطرق عجيبة في القتال، فكان يحفر الخنادق، ويباغتهم في جبال الريف حتى أن “هوشي منه” الشيوعي المشهور الفيتنامي الذي قاوم أمريكا مقاومة ضارية في الثمانينيات الهجرية وأوائل التسعينيات (الستينيات والسبعينيات الميلادية) كان “هوشي منه” يقول إنه استفاد من طريقة الخطابي.
تحالف أوروبا ضده.
وهنا اجتمعت أوروبا لتجهض الإمارة الناشئة التي لو بقيت لغيرت مسار التاريخ، وسبب هذا أن الإسبان توجهوا سنة 1924م /1343هـ إلى “أجدير” عاصمة الخطابي في مائة ألف وحاصروه ثلاثة أسابيع، فأظهر الخطابي، ومن معه بطولات رائعة جداً ونادرة في وقت عزت فيه البطولة وانعدم النصر أمام الغرب في العصر الحديث.
استطاع الخطابي ومن معه أن يقتلوا من الإسبان أربعة آلاف في أقل الروايات، واضطر الجيش الإسباني للانسحاب ذليلاً إلى مدريد.
وقائع.
وهذه وقائع جرت في العصر الحاضر وهي لا تكاد تصدق؛ لأن كل المعارك التي دخلناها مع الأوروبيين آنذاك كنا ننهزم فيها على وجه مهين، أما أن ينهزم الإسبان الذين خرجوا ظافرين من الحرب العالمية الأولى على هذا الوجه فإن هذا يستدعي تحركاً من أوروبا، فأرسل المارشال المتجبر المتكبر الفرنسي “ليوتي” الذي كان حاكماً في الجزائر آنذاك إلى فرنسا يقول لهم: إن انتصار العرب في الريف الإسباني وعلى سواحل البحر المتوسط يعني إنشاء إمبراطورية عربية إسلامية، وفتحاً جديداً لأوروبا من قبل المسلمين، وهذا أمر لا يمكن القبول به. بهذا التخويف دخلت فرنسا الحرب ضد الخطابي على رغم أنف البرلمان الذي كان معارضاً، فاجتمعت إسبانيا وفرنسا عليه في جيش عدده زهاء نصف المليون. وحاصر الأسطول الفرنسي الخطابي، (والأسطول الفرنسي كان أعظم أسطول بحري في العالم آنذاك) وكانت الطائرات التي حاربته منتظمة في أربعة وأربعين سرباً . صارت تقذفه وجنده بأنواع القنابل وهو صابر محتسب في خندقه، وأوقع بهم في أوقات خسائر جسيمة.
شهادة صحفي أمريكي.
وصبر الخطابي صبراً جميلاً حتى أن صحفياً أمريكياً كان موجوداً آنذاك في ساحة المعارك يتابعها وهو “فانسن شين” قال: دخلت على “عبد الكريم” في خندق أمامي، والطائرات الإسبانية والفرنسية تقذف المنطقة بحمم هائلة فوجدته متبسماً مرحاً مقبلاً – الله أكبر ما أجمل وأحسن نفوس الصالحين-. يضرب ببندقيته الطائرات، فتعجبت من هذا الرجل الذي استطاع أن يحافظ على إيمانه وعقيدته في خضم الظروف المحيطة به، وكنت أتمنى أن أمكث أكثر فأكثر مع هذا الرجل العظيم الذي تحيطه هالة من الوقار والجلال، وأقارن به ساسة أوروبا التافهين المشغولين بأمور تافهة فلا أكاد أجد وجهاً للمقارنة، وتمنيت أن أظل أكثر مما ظللت مع هذه الظاهرة البشرية الفريدة التي تأثرت بها أيما تأثر، أرأيتم كيف يؤثر المسلمون الصادقون في الناس عامة، وفي أعدائهم خاصة؟
خطر عظيم.
ويقول “كورتي” عضو مجلس العموم البريطاني: إن هذا الرجل الذي ينادي باسمه أهل آسيا وأفريقيا والهند، ويتغنون باسمه.
إن هذا الرجل الذي يزعم هؤلاء أنه يقاتل باسم الإسلام ويعيد إمارة المؤمنين والخلافة الإسلامية، إنه لخطر عظيم على البلاد الأوروبية. هكذا كان يؤثر فيهم الخطابي الذي لا يعرفه، ولم يسمع باسمه أكثر المسلمين اليوم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وكان المسلمون يستقبلون انتصارات الخطابي بدموع الفرح والاستبشار الشديد في الهند وعموم آسيا وأفريقيا؛ وذلك أنه كان يجاهد أثناء وبعد إلغاء الخلافة العثمانية، فكانوا يأملون عودتها على يديه.
لكن الكثرة الكاثرة تغلب الشجاعة، فجيش عبد الكريم كان عشرين ألفاً فقط وهؤلاء مئات الآلاف ومعهم الطائرات وكل الأسلحة التي هزموا بها ألمانيا وإيطاليا والدولة العثمانية. وخانت بعض الطرق الصوفية الخطابي، حيث كانوا يوزعون منشورات تقول إن القتال معه ليس من الجهاد وخانه بعض رؤساء القبائل الذين اشتراهم الفرنسيون وكانوا ينهون شبابهم عن القتال مع الخطابي.
ولم يجد الخطابي الدعم من الدول العربية والإسلامية حيث كانت أكثر الدول العربية والإسلامية قد سقطت في قبضة الصليبيين أو الشيوعيين أو عملائهما فلم يجد مفراً من التسليم بعد أن بقي في مائتين فقط، لكن كان التسليم تسليم الأبطال فقد بقي يفاوض للصلح زماناً طويلاً: من منتصف سنة 1925 إلى منتصف سنة 1926ميلادية تقريباً 1345 هجرية، أي سنة تقريباً وكان يرفض الاستسلام رفضاً باتاً؛ لكنه لما استشار المائتين ممن بقوا معه أشاروا عليه بحقن الدماء، فالطائرات كانت تقذف بالغازات السامة والقنابل، وتقتل الرجال والنساء والأطفال، فأشاروا عليه بعقد صلح مشرف والبقاء في البلد والاستعداد للقتال في أقرب فرصة.
الاستسلام
وهنا لم يجد بدلاً من إمضاء الصلح، لكن الفرنسيين واصلوا قذف القرى بالطائرات بعد التسليم، فقال لهم عبد الكريم: سيكون من المدهش أن تصيب طائراتكم الرجال في هذه المرة، إذ كانت العادة ما تقتل إلا النساء و الأطفال . إن حضارتكم حضارة نيران، فأنتم تملكون قنابل كبيرة إذاً أنتم متحضرون، أما أنا فليس لدي سوى رصاصات بنادق، وإذاً فأنا متوحش وكان بهذا يستهزئ بهم، ويقيم الحجة عليهم لأنهم كانوا يتهمونه بالبربرية والتوحش.
سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة، فدعاة الإسلام اليوم يتّهمون بالإرهاب قلباً للحقائق وتخذيلاً للمسلمين.
غدر فرنسي
أوصى أتباعه بالاستمساك بالدين وعدم الركون إلى المستخربين المحتلين.
لما سلَّم نفسه للفرنسيين بعد كتاب موثق للصلح وإبقائه في الريف خانوا عهدهم معه كعادتهم وكعادة كل (المستخربين) الذين سموا زوراً وبهتاناً ب(المستعمرين)، فنفوه إلى جزيرة “رينيون” في المحيط الهادي شرق مدغشقر لمدة إحدى وعشرين سنة.
وكانوا قد منعوا عنه في السنوات العشر الأولى كل وسيلة اتصال بالعالم الخارجي، فحرموه من الجرايد والمجلات ومن كتبه التي أتى بها معه، ثم سمحوا له بعد ذلك بها، فقضى هذه المدة الطويلة في التأمل والذكر والدعاء والصلاة، فسبحان الله كم يُصبّر عباده؛ إذ لو كان غيره لأصابه الجنون أو أمراض نفسية مزمنة لكنه الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب فيصنع حينئذ ما يشبه المعجزات.
يرحمك الله ياأسد الريف
موضوع ذو صلة
………………………………………………
وهنا أقترح عليك بعض المواضيع التي أظنها مفيدة لك:
برنامج mailstyler2 مع التفعيل
خطة الربح من موقع pointsprizes مع 500 نقطة كوبون
كيفية الحصول على رقم هاتف أجنبي بالمجان
شرح ebuyclub وكيفية الربح منه
أفضل مواقع البحث عن سريالات البرامج المدفوعة
.………………………………………………
………………………………………………
معلوماتك مثيرة جدا للاهتمام. شكرا لك للمشاركة